الشيزوفرينيا فصام العقل

يطلق الناس احيانا تسمية ( فصام الشخصية ) او تسمية ( ازدواج الشخصية ) او تسمية ( انقسام الشخصية ) ليقصدوا بها الشيزوفرينيا ( او فصام العقل SCHIZOPHRENIA ) والحقيقة العلمية ان كل تلك التسميات وغيرها مما يتعلق بالشخصية ( ازدواجا او انفصاما او انقساما او انشطارا ..) بعيدة كل البعد عن فصام العقل . فاجزاء الشخصية التي يمكن تقييمها هي ( علاقات الفرد ونشاطاته الممتعة له ومزاجه السائد وخصاله وميوله ومعاييره وعاداته ).ولا يمكن لتلك الاجزاء ان تعتبر اجزاءا من الشخصية الا اذا كانت مستديمة للفرد ( صاحبها ) وتكامل نضجها اي اصبحت مميزة له بعد ان اصبح عمره في سن البلوغ ( 18 سنة بحسب علماء السلوك ) وعندما تزدوج الشخصية فهذا يعني بحسب العلم ان شخصية اخرى اخذت تحل محل شخصية سابقة كانت عند الفرد وكل هذا يمكن ان يحدث ولكن في حالة مرضية لا علاقة لها بموضوعنا وهو الشيزوفرينيا ( او فصام العقل).. وتلك الحالة المرضية يطلق عليها تعدد الشخصية وهي بصورتها التي تظهر فيها وبمسارها وبأسبابها وبمصيرها وبعلاجها تختلف اختلافا تاما عن فصام العقل .وموضوعنا الشيزوفرينيا هو الحالة المرضية التي تصيب العقل فان أزمنت في اصابتها للفرد سببت تدهورا في شخصيته ( وليس ازدواجا في شخصيته )... ولكن لماذا هذا اللبس بين الناس ؟.. ان اجزاء العقل التي يمكن تقييمها هي المظهر والسلوك والكلام والمزاج والتفكير وادراك المحسوسات والذكاء والتطلع للزمان وللمكان وللاشخاص وكذلك الانتباه والتركيز والذاكرة والحكمة والبصيرة ).. وفي فصام العقل يكون الخلل الرئيسي هو في التفكير وبذلك يختل اتصال الفرد المصاب مع الواقع الذي يعيشه وتنفصم الوظائف العقلية في انسجام بعضها مع البعض الاخر واتصالها كلها مع الواقع . فهذا المصاب بالشيزوفرينيا مقتنع قناعة تامة لا يمكن زحزحتها بان مخلوقات تعيش في اماكن تتصل به وتتكلم معه وهو يسمع صوتها ويخاطبها و..و.. وكل ذلك لااساس له في الواقع وليس هناك مثل تلك المخلوقات وليس هناك مصدر لصوتها .. وهو في ذلك فاقد لبصيرته ولا يدرك حقيقة تلك المخلوقات وتلك الاصوات غير موجودة ... وحيث ان فصام العقل لا يصيب الذكاء ولا يصيب الذاكرة فان المصاب به تجده على ذكائه الذي هو فيه وعلى ذاكرته التي هو فيها ولكن الخلل الاساسي هو في التفكير وفي ادراك المحسوسات وفي اتصاله مع الواقع الذي هو يعيش فيه .. وهكذا فانك تجد بعض اجزاء العقل التي ورد ذكرها وفقا للخل الاساسي فيضطرب المظهر لان تلك المخلوقات ( الوهمية ) تعامله على اساس مظهره ( بعد الاصابة ) ولانها تسبب في ذلك اضطرابا في سلوكه فتجده يصغي الى اصواتنا الموجه له ويخاطبها اجابتا لتلك الاصوات وقد يتعكر مزاجه او يفرح وفقا لما هو من تفاعل مع تلك الاوهام وهكذا ... وما جاء ذكره هو مثال واحد على حالة مرضية واحدة مصابه بانفصام العقل ولكن هناك ملايين الحالات المرضية لمصابة بانفصام العقل وبالتالي هناك ملايين الامثلة على الصورة التي تظهر بها تلك الحالات ... ولكن تبقى الفكرة الاساسية بانفصام العقل هو ما ورد ذكره . ويطول الحديث عند التطرق الى التفسيرات التي جاءت بها الدراسات والبحوث التي تفسر اسباب انفصام العقل منها تفسيرات بايولوجية ومنها نفسية ومنها اجتماعية . ولكن على القارئ العام ان لا يتناسى ابدا الاسباب الوراثية التي لم تستطع اية دراسة لحد الان نفيها في تسبب انفصام العقل .. وهذا هو ما نقدمه الى اولئك الدجالين والجهلاء الذين يعزون اسباب انفصام العقل الى سحر او حسد او جن او ... ( وهنا يجب الاشارة ويجب التأكيد الى ان العلم يحترم وجود السحر ويحترم وجود الحسد ويحترم وجود الجن ولكن ليس بالشكل الذي يظهره اولئك الدجالون والجهلاء ... والا لماذا لايربطون السحر والجن والحسد باصابة المصابين بارتفاع ضغط الدم فهذا المرض ايضا مزمن وايضا جاءت الدراسات والبحوث بعدة تفسيرات لاسبابه ولا يستطيع القارئ ان ينكر العوامل الوراثية فيه ولماذا يقصرون على ربط السحر والحسد والجن بالمرضى المصابين بالشيزوفرينيا وهم بامس الحاجة الى علاج طبي لا يختلف عن العلاج الطبي لإرتفاع ضغط الدم ...( بقي عينا ان نعلم ا فصام العقل هو مرض من مجموعة امراض يقبل العلم تسميتها امراض الجنون Insanity ( من الجن ) ولكن هذا ضمن الاطار التاريخي لتلك الامراض وليس ضمن الاطار العلمي لها ... وهي نفسها تلك الامراض الي جاءت تسميتها في وقت ما ( ولا يزال ) بامراض الذهان Psychosis ... ومهما كانت التسمية ( جنون او ذهان ) فانها جميعا تتصف بخاصية اساسية وهي ان المصاب بها مختل في اتصاله مع الواقع الذي هو يعيش فيه .. وهي امراض لها تفسيراتها السببية ولها صورها المرضية ولها مساراتها المرضية ولها علاجاتها الدوائية والنفسية والاجتماعية ... وهي اذا كانت مزمة ففي ازمانها لا تختلف عن الربو او عن داء السكري او عن ارتفاع ضغط الدم ... فهذه جميعا امراض تحتاج الى علاج مستمر يمنع انتكاسها وكذلك هو الحال مع الشيزوفرينيا ( او انفصام العقل ) ... ولنا معكم حديث اخر حوله .